أويتلا - الأديب عبد المنعم
صفحة 1 من اصل 1
أويتلا - الأديب عبد المنعم
[size=21]وماشهدوا الانوار وهي تذيبني..الله
آه..هيَ..قيوم ..آه..هيَ ..قيوم
وماشهدوا الانوار وهي تذيبني ..الله
ياحي ..قيوم ..آحي قيوم
تداخلت الاصوات..وارتفع الطبل ..في شواهق العشق الازلي..حتي لكأنك
تحس مطارقه في طار القلب ..قبل اصطخابه في طبلة الأذن..
درم ..تم..تم..درم..تم..تم
ضرباته تستدعي اسلاف الغابة..وجنيات الشجر الافريقي..الفراشات المزركشة بالالوان الحمراء والزرقاء تكمل أشواطها في تناسق هامشي حول هالة الضوء المنبعثة
من رتينة علقت برفق علي صنارة ضخمة تدلت من سقف التعريشه الخشبية لخلوة ..الشيخ ابو سوميت..لتنهي أشواطها الاخيرة في مركز الانوار .كما لو كانت تحي ذكرى محرقة تاريخية..أو مصلبة للتفتيش نصبت لمناصري المعرفة في أزمان بائدة..الكون كله استوي علي هذا الايقاع الاسطوري..ثم أخذ متصاعدا ومتهاديا في عروجه الي عماء مطلق...صوت حاج عبد اللاَهي المادح ..تمزجه أوتار الليل بفيض يتسلسل كنهر الروح في أزقة الجسد تلامس موسيقاه زبورات الوجدان
كمزمار شيطاني..بلكنته المهوسة..لا هلوسة بعد اليوم ولا من وساوس ..وجوقة الحضور تراجع لثغات الصوت في تناغم فريد كنشيج الوازا علي خور الازرق العاري وانزلاقاته علي غابة القنا المتراصة في صعيد ممسوس..مستني اطراف الحضرة ..واستشري نشيشها خطرا في نفسي فانطلقت ألوي خرير عبرتي في وكرة الجبل .
الشيخ أبوسوميت تتضارب الروايات عن أصله وكيفية وصوله الي هذه البقعة الجاثمة كالتالوله علي جسد نهر "عنبر" الموسمي ..ولكنها اتفقت كلها علي الوجه الذي قدم منه
حكي لي ذات مرة صالح القدين وهو شيخ تجاوز المئة بقليل ويعتبر من اهم المصادر الموثوقة في تأريخ قرية "سوميت"..رجل يميل الي النحافة والقصر طعنت السنون ذلك الالق الذي يشع بين الفينة والاخري من زوايا عينيه الضيقتين والصارمتين في نفس الوقت. فسقطت ودعات الاسنان, وترك الزمن علي نفسه تعاريجا متقاربة علي صفحة الوجه تخفي فصدات تعلوها جبهة عريضة فقدت تناسقها بفعل الزمن, وتغضنت مناطق متباينة من جسده النحيل..كثمرة قنديل رطبة ذلك النوع من انواع البلح الذي يحافظ علي رطوبته لاقصي فترة ممكنة ..لذا يدخله سكان السافل في قساسيب محكمة لينتظر الحول دون ان يجف.الساعدان, يحقبهما دوما خلف انحناءة الظهرتكاد تري تداخل الاوردة والشرايين من شدة رهافة الجلد والتصاقها بالعظام .الساقان ينفرجان "كسفاريك"الهدندوة وعصيهم النادرة..في مشيته وقارا دهريا وصلابة رغم اهتزازات الشيخوخة..قدم الي القرية عندما كان في الثلاثين من عمره وجدوه نائما ذات صباح حائر في مكان "طقس العنبر" لفتاة من القرية وحيدة لامها وابيها تربت علي غرار الاولاد ترعي الاغنام ,وتلعب معهم لعبة "البعاوي"..بل كانت اكثر صمودا وثباتا من اترابها في منافسات الارتكاز و الجلد بسياط نبات "الكرمت" الذي كان ملمحا ظاهرا في ذلك الزمن,وفي المصارعات البريئة التي تغري بها رمال عنبر من وقت الي آخر في تلكم الليالي المقمرة.
كانت تحرًم,وتطلًق في كلامها اكثر من أقرانها حتي اصبحت كنيتها"حرَم" واحيانا "حمد ولد"ويقال انها ظلت غلفاء حتي لحظات انجابها لطفلها الاول
فغافلتها الداية "بت حيمور" وعدلت من وضعيتها..مع ضحكة مكتومة انتصارا لمهنتها الموروثة..مرت سنوات بعد بلوغ "زينوبا" مرحلة الطمس قبل ان تنتبه امها في انزعاج جلي لذلك..كانت قادمة للتو بعد نهار قاسي قضته في "تكن" الساقية وهي تباصر الثور في حركته الدائرية المنسجمة مع رشحات القواديس الحديثه التي جلبتها مع ابيها قبل ايام قليلة من حفرة "البقداوي" ..لاشئ ينغص عليها متعتها تلك سوي بعض الآلام في ظهرها وصرير "السندقيق" الذي يزيد من تلك الطعنان الحفيفه في مؤخرة رأسها وبعض النعاس .
- علي التًلاق مااتعنبر ..انا ما مره..!
_ غوري من قدامي.. عليكن النبي
شوفن البنية الجاسرة
دي ..
ان بقيتي ماك مرة ..روحي بولي من تحت فرقات سروالك
فوق الصريف داك ..عشان تعرفي روحك
مره ولَ راجل ..!؟
- حرَم ما في راجل
في الحلًي دي كلها يقدر يركبني ..ولَ يقز شمبورتو فيني
عـِلاََََََ أكون ميتة وجتتي ناشفة..!!
قالتها" زينوبا" في بساطة و تعنت كما لو كان الامر محسوما بالنسبة لها منذ تلك الحادثة التي كادت أن تذهب بحياتها عندما حاولت أمها بمعاونة بعض النسوة من القرية "وبت حيمور" الداية لاخضاعها بالقوة لاجراء مراسم "الطهورة" المؤجلة حتي صار عمرها تسعة سنوات ..والتي عادة ما تنجز في الفترة مابين الرابعة والخامسة من عمر الفتيات ... كدن ينجحن في خفاضها لولا انزلاق شفرة القصب عن بظرالفتاة لتستقر علي كف بت حيمور محدثة شرطا عميقا ..ابيضَ.. ثم اصفرَ..ثم النزيف..مجترا صرخات صبايا الماضي في تراجيديا المشاهد والدماء التي لم تطهر يديها من اجتزازات مستمرة..
- بت الهرمه.
قالتها بت حيمور وهي تضع الخرقة المعطونة بالسمن الساخن مع مسحوق القرض والملح علي جرحها وتضع في قرارة نفسها قسما بعدم التعرض لهذه الفتاة المهبوشة . فانسحبت تجرجر هزيمتها وهي تلوك لسانها ما بين الاضراس .
لم ينتهي الامر عند هذا الحد فتفلتت الفتاة من بين أيدي النسوة وصريخها ينتشر هباءا في اصداء القرية..وسط حيرة الحاضرين وقهقهات الاطفال
لتسلك دربا نازلا بين الاشجار ينتهي بها في حفرة "النبرو" تلك البئر العميقة والممتلئة بالمياه عند حافة النهر مرصوفة الجوانب بعيدان "الطرفه" وحشائش "المرديب" التي تمنع انهيارات الرمال.. في براح يسمح للشادوف من سحب المياه ودلقها علي "لور" منجور من مروق الدوم يقوم بتصريف المياه للجدول الضكر ذلك القنال الرئيسي الذي يربط المترات بالمساحات المزروعة.. فلولا تصاريف الاقدار التي جعلت "جدو" ذلك الهوساوي الذي برع في تسلق دوال الدوم لتجريدها من السعيفات التي يستخدمها في بناء القطاطي و"ظهور الثيران" تلك المنازل التي تاخذ شكل "الكرانك" ..وقتها كان يعتلي دومة هميمة وفأسه تشذب جريدها ومنجله المعقوف يحسحس الاشواك الملتوية في مهارة لا تضارع.. حانت منه التفاتة عفوية ليري كمية السعف التي قطعها خلال هذا اليوم الشائك؛
فرآها تغطس ثم تطفو في حفرة النبرو ؛فسارع بالنزول كقرد جبلي متحرفن وانقذها في الرمق الاخير.
فشلت امها مرة أخري في اقناعها حتي يتم طقس العادة ويمر بسلام..وهي متنازعة بين مشيئة القرية ومسايرة طقوسها وارادة البنت التي لم تثنيها تحولات الانثي علي هذا الجسد الفاخر..مرت سنوات منذ ان بدأت هضبات هذا الصدر العاري بالنشوء..فتبجست البراكين في مواسم الزلزلة
وانفرطت غرزات الحكمة ..يا فاكهة الخلق البديعة ..ويانشيد الآلهة القديمة ..ويا نضح الاسرار..لا غيمة شرحت معناها علي مفازتك البتول .. فمع كل صيف جديد تترك ريح التكوين سفايا
تحت الاشجار ..
***
[/size]
آه..هيَ..قيوم ..آه..هيَ ..قيوم
وماشهدوا الانوار وهي تذيبني ..الله
ياحي ..قيوم ..آحي قيوم
تداخلت الاصوات..وارتفع الطبل ..في شواهق العشق الازلي..حتي لكأنك
تحس مطارقه في طار القلب ..قبل اصطخابه في طبلة الأذن..
درم ..تم..تم..درم..تم..تم
ضرباته تستدعي اسلاف الغابة..وجنيات الشجر الافريقي..الفراشات المزركشة بالالوان الحمراء والزرقاء تكمل أشواطها في تناسق هامشي حول هالة الضوء المنبعثة
من رتينة علقت برفق علي صنارة ضخمة تدلت من سقف التعريشه الخشبية لخلوة ..الشيخ ابو سوميت..لتنهي أشواطها الاخيرة في مركز الانوار .كما لو كانت تحي ذكرى محرقة تاريخية..أو مصلبة للتفتيش نصبت لمناصري المعرفة في أزمان بائدة..الكون كله استوي علي هذا الايقاع الاسطوري..ثم أخذ متصاعدا ومتهاديا في عروجه الي عماء مطلق...صوت حاج عبد اللاَهي المادح ..تمزجه أوتار الليل بفيض يتسلسل كنهر الروح في أزقة الجسد تلامس موسيقاه زبورات الوجدان
كمزمار شيطاني..بلكنته المهوسة..لا هلوسة بعد اليوم ولا من وساوس ..وجوقة الحضور تراجع لثغات الصوت في تناغم فريد كنشيج الوازا علي خور الازرق العاري وانزلاقاته علي غابة القنا المتراصة في صعيد ممسوس..مستني اطراف الحضرة ..واستشري نشيشها خطرا في نفسي فانطلقت ألوي خرير عبرتي في وكرة الجبل .
الشيخ أبوسوميت تتضارب الروايات عن أصله وكيفية وصوله الي هذه البقعة الجاثمة كالتالوله علي جسد نهر "عنبر" الموسمي ..ولكنها اتفقت كلها علي الوجه الذي قدم منه
حكي لي ذات مرة صالح القدين وهو شيخ تجاوز المئة بقليل ويعتبر من اهم المصادر الموثوقة في تأريخ قرية "سوميت"..رجل يميل الي النحافة والقصر طعنت السنون ذلك الالق الذي يشع بين الفينة والاخري من زوايا عينيه الضيقتين والصارمتين في نفس الوقت. فسقطت ودعات الاسنان, وترك الزمن علي نفسه تعاريجا متقاربة علي صفحة الوجه تخفي فصدات تعلوها جبهة عريضة فقدت تناسقها بفعل الزمن, وتغضنت مناطق متباينة من جسده النحيل..كثمرة قنديل رطبة ذلك النوع من انواع البلح الذي يحافظ علي رطوبته لاقصي فترة ممكنة ..لذا يدخله سكان السافل في قساسيب محكمة لينتظر الحول دون ان يجف.الساعدان, يحقبهما دوما خلف انحناءة الظهرتكاد تري تداخل الاوردة والشرايين من شدة رهافة الجلد والتصاقها بالعظام .الساقان ينفرجان "كسفاريك"الهدندوة وعصيهم النادرة..في مشيته وقارا دهريا وصلابة رغم اهتزازات الشيخوخة..قدم الي القرية عندما كان في الثلاثين من عمره وجدوه نائما ذات صباح حائر في مكان "طقس العنبر" لفتاة من القرية وحيدة لامها وابيها تربت علي غرار الاولاد ترعي الاغنام ,وتلعب معهم لعبة "البعاوي"..بل كانت اكثر صمودا وثباتا من اترابها في منافسات الارتكاز و الجلد بسياط نبات "الكرمت" الذي كان ملمحا ظاهرا في ذلك الزمن,وفي المصارعات البريئة التي تغري بها رمال عنبر من وقت الي آخر في تلكم الليالي المقمرة.
كانت تحرًم,وتطلًق في كلامها اكثر من أقرانها حتي اصبحت كنيتها"حرَم" واحيانا "حمد ولد"ويقال انها ظلت غلفاء حتي لحظات انجابها لطفلها الاول
فغافلتها الداية "بت حيمور" وعدلت من وضعيتها..مع ضحكة مكتومة انتصارا لمهنتها الموروثة..مرت سنوات بعد بلوغ "زينوبا" مرحلة الطمس قبل ان تنتبه امها في انزعاج جلي لذلك..كانت قادمة للتو بعد نهار قاسي قضته في "تكن" الساقية وهي تباصر الثور في حركته الدائرية المنسجمة مع رشحات القواديس الحديثه التي جلبتها مع ابيها قبل ايام قليلة من حفرة "البقداوي" ..لاشئ ينغص عليها متعتها تلك سوي بعض الآلام في ظهرها وصرير "السندقيق" الذي يزيد من تلك الطعنان الحفيفه في مؤخرة رأسها وبعض النعاس .
- علي التًلاق مااتعنبر ..انا ما مره..!
_ غوري من قدامي.. عليكن النبي
شوفن البنية الجاسرة
دي ..
ان بقيتي ماك مرة ..روحي بولي من تحت فرقات سروالك
فوق الصريف داك ..عشان تعرفي روحك
مره ولَ راجل ..!؟
- حرَم ما في راجل
في الحلًي دي كلها يقدر يركبني ..ولَ يقز شمبورتو فيني
عـِلاََََََ أكون ميتة وجتتي ناشفة..!!
قالتها" زينوبا" في بساطة و تعنت كما لو كان الامر محسوما بالنسبة لها منذ تلك الحادثة التي كادت أن تذهب بحياتها عندما حاولت أمها بمعاونة بعض النسوة من القرية "وبت حيمور" الداية لاخضاعها بالقوة لاجراء مراسم "الطهورة" المؤجلة حتي صار عمرها تسعة سنوات ..والتي عادة ما تنجز في الفترة مابين الرابعة والخامسة من عمر الفتيات ... كدن ينجحن في خفاضها لولا انزلاق شفرة القصب عن بظرالفتاة لتستقر علي كف بت حيمور محدثة شرطا عميقا ..ابيضَ.. ثم اصفرَ..ثم النزيف..مجترا صرخات صبايا الماضي في تراجيديا المشاهد والدماء التي لم تطهر يديها من اجتزازات مستمرة..
- بت الهرمه.
قالتها بت حيمور وهي تضع الخرقة المعطونة بالسمن الساخن مع مسحوق القرض والملح علي جرحها وتضع في قرارة نفسها قسما بعدم التعرض لهذه الفتاة المهبوشة . فانسحبت تجرجر هزيمتها وهي تلوك لسانها ما بين الاضراس .
لم ينتهي الامر عند هذا الحد فتفلتت الفتاة من بين أيدي النسوة وصريخها ينتشر هباءا في اصداء القرية..وسط حيرة الحاضرين وقهقهات الاطفال
لتسلك دربا نازلا بين الاشجار ينتهي بها في حفرة "النبرو" تلك البئر العميقة والممتلئة بالمياه عند حافة النهر مرصوفة الجوانب بعيدان "الطرفه" وحشائش "المرديب" التي تمنع انهيارات الرمال.. في براح يسمح للشادوف من سحب المياه ودلقها علي "لور" منجور من مروق الدوم يقوم بتصريف المياه للجدول الضكر ذلك القنال الرئيسي الذي يربط المترات بالمساحات المزروعة.. فلولا تصاريف الاقدار التي جعلت "جدو" ذلك الهوساوي الذي برع في تسلق دوال الدوم لتجريدها من السعيفات التي يستخدمها في بناء القطاطي و"ظهور الثيران" تلك المنازل التي تاخذ شكل "الكرانك" ..وقتها كان يعتلي دومة هميمة وفأسه تشذب جريدها ومنجله المعقوف يحسحس الاشواك الملتوية في مهارة لا تضارع.. حانت منه التفاتة عفوية ليري كمية السعف التي قطعها خلال هذا اليوم الشائك؛
فرآها تغطس ثم تطفو في حفرة النبرو ؛فسارع بالنزول كقرد جبلي متحرفن وانقذها في الرمق الاخير.
فشلت امها مرة أخري في اقناعها حتي يتم طقس العادة ويمر بسلام..وهي متنازعة بين مشيئة القرية ومسايرة طقوسها وارادة البنت التي لم تثنيها تحولات الانثي علي هذا الجسد الفاخر..مرت سنوات منذ ان بدأت هضبات هذا الصدر العاري بالنشوء..فتبجست البراكين في مواسم الزلزلة
وانفرطت غرزات الحكمة ..يا فاكهة الخلق البديعة ..ويانشيد الآلهة القديمة ..ويا نضح الاسرار..لا غيمة شرحت معناها علي مفازتك البتول .. فمع كل صيف جديد تترك ريح التكوين سفايا
تحت الاشجار ..
***
[/size]
admin- Admin
- عدد الرسائل : 519
الموقع : https://beja.yoo7.com
الدولة : النرويج
تاريخ التسجيل : 23/11/2008
"الورقة الشخصية"
"الورقة الشخصية" :: 1
مواضيع مماثلة
» أويتلا - الأديب عبد المنعم
» أويتلا - الأديب عبد المنعم
» أويتلا - الأديب عبد المنعم
» أويتلا - الأديب عبد المنعم
» أويتلا - الأديب عبد المنعم
» أويتلا - الأديب عبد المنعم
» أويتلا - الأديب عبد المنعم
» أويتلا - الأديب عبد المنعم
» أويتلا - الأديب عبد المنعم
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى