أويتلا - الأديب عبد المنعم
صفحة 1 من اصل 1
أويتلا - الأديب عبد المنعم
[size=21]كان صيفا متجبرا في ذلك العام ..شمسه تبتذل الحرارة وتحرش كلابها علي صهد الجبل ..واسراب القطا تستقي زرافات.. من ترعة صغيرة خلفتها سيلانات من حواف الجدول الضكر علي مدار "تتك"الليل المنصرم ..بعد ان رقد ذئب متغطرس في مجري الماء .. انتهره"كورينا "والد زينوبا عند اول الفجر بعود "طوريته"الطويل الذي يتناسب مع جثته الضخمة ...وهو يلعن في سره " كراي السجم" الذي دوما ما يهتك الجداول في مثل هذه الامسيات الخانقة..فيجعل ليل "الترابلة" محنة تقص الظهور من كثرة الانحناءات ..كان رجلا فارها مثل جني لفظته الحكايا والاساطير الي هذه الناحية العجيبة ..وصامتا كتمثال لاله نوبي..وجهه الطفولي الامرد. لا يمكًن احدا من سبر اغواره ..نادرا ما تراه في القرية ..اغلب اوقاته في الحقل ..او عند شجرة الجميز العتيقة يسن منجلا او يصنع محراثا لاحد الفلاحين..
أو نجامة..فهو أول من ابتدع محراثا تجره الابقار ...وأول من صنع ساقية في هذه المنطقة... كما روي عنه "صالح القدين" فقد حباه الله طاقة للابداع..قضي بقية عمره متحدا معها و
متنقلا بين القرية وبين غابات الجميز الكثيفة خلف جبل اويتلا ..يصنع حلقات السواقي وينجر العطفات حتي اصبحت مهنتة
التي تلبي حوجات القري المجاورة..وتمسكه عن القرية اياما تمتد الي شهور في بعض الاحيان.
بيديها تمسك "اربلا"تطرح به الارض وتحيي "تقانت " الاحواض في مسافات محكمة بمقاييس نظرية تضبطها بايقاع متموسق في داخلها اعتادت عليه بمرور السنوات.. ففي كل صيف من كل عام يستعد الناس لموسم "المريق" فينطلق النفير من "بوقة" الي اخري في تحد لفصل الخريف الذي لن تنفع معه آلاتهم البدائية في حفر الارض وتجهيزها في فترة الصبنات...لذا يقومون بحرث الارض وتوضيبها بالثيران ونثر الذرة الصفراء علي حفر منقوحة بالمعاول الصغيرة بمسافات لا تتجاوز القدم بين حفرة واخري لتمكنهم من نظافة الحشائش المتطفلة ولتكسب قصبات الذرة مساحة للاستقواء علي حمل القناديل الضخمة التي يمتاز بها ذلك النوع من الذرة الاستوائي.الريح الخفيفة تسف الغبار مثل الغام ارضية تتفجر كلما حركت زينوبا الاربل علي هشاشة التراب..وحبات العرق تنثال من صدغها وتنحدر من فوق ابراجها الطليقة في بطء حيث تشكل قطراته مساحة لينة عند عانتها تحت "تكة" قطنية تحزم سروالها الرجالي الذي يستر عورتها وينزلق قليلا اسفل الركبة. مثل هذه السراويل الغبشاء المصنوعة من قماش الدمور هي الزي العام للرجال بالاضافة الي عراقي قصير لا يلبسه المرء الا مرتين أو مرات ثلاث في العام عند ذهابه للمدينة أو لصلاة العيدين .اما النساء فيلبسن رحطا قطنيا مصبوغا بالوان باهتة يشددنه عند الخاصرة بربطة محكمة ووشاحا شفافا لا تضعه المرأة علي صدرها اطلاقا قبل ليلة الزواج ..فان فعلت فتاة ذلك فسيعتقد الناس بانها فقدت عذريتها..واصبحت أمراة بائتة..لا عسل لديها ..ولا شرف.. لذلك تحاول أن تخفي تلك التحولات التي ستطرأ علي نهديها بوضع ذلك الوشاح..انهم لا ينظرون في هذا الثدي غير وظيفة لرضاعة الصغار وبينة لعذريتها..فذاكرة الاثارة والابعاد الجمالية لم يكتسبها ذلك الشطر النافر ولم تتشكل لدي الذكر والانثي في ذلك الزمن الفطري بمعاني الاشتهاء الرمزي الفريد..فلا مجال لطفل كبير بحظ التمني في نوستالجيا الفروضات.
تقاطرت ثلة النفير من ازقة القرية ومنعطفاتها علي درب صغير يأخذ تعريجات بين الاعشاب المتوحشة وشجيرات العشر والكرمت المتناثرة علي الاراضي البكر, بصدورهم العارية ومعاولهم المحمولة علي الاكتاف وملامحهم السمراء..كانهم جيشا صغيرا لمحاربين أشداء من قبيلة افريقية خارجون لقتال شرس في معركة مصيرية.كيف لا فالحرب الوحيدة التي ينتصر فيها الانسان تلك التي يقودها ضد الطبيعة وقهرها فيذللها بعد اذلالها له يصادر قوانينها ويجعلها طائعه مثل كرة صغيرة يتقاذفها بين يديه.ثلاثون رجلا وامراة يناوشون الارض ويطعنونها في كل شبر منها لتحبل بالأماني وتهيئ نفسها للانجاب.. ولدفقات الحياة القادمة.. يشقون الجداول وينقحون الحياض من الحجارة الصغيرة مثل صفحة لمقال اسبوعي .
بعضهم يحفر وآخر يبذر الحب..واثنان منهم يحاوران "واسوقا " خشبيا ليضع لمساته الاخيرة علي القنوات في هندسة متقنة.
تراهم يتبارون في العمل لانجاز اكبر قدر ممكن ..كنوع من الاستعراض البرئ للسرعة والمهارة لتكون محور لنقاشات قادمات في اوقات
القيلولة عند شجرة الجميز العتيقة التي تلقي بظلالها الباردة علي براح رحب . وقد تعلو صرخة لاحدهم وهو يسب ويلعن مع تعالي ضحكات الآخرين
_ علي الطلاق الليلة ..كان قبصتك ما في شي ..يحلني منك
علا حمار الوادي يهنق ..يامطرطش.
قالها "ود شرَاط" قبل أن يندفع في محاولة فاشلة خلف "الدرملي"
استمرت الملاحقة لبعض الوقت قبل ان يصيح "ود الفقير" فيهما وهو يكتم ضحكته المدوية
- ياخوانا كسرتو الجداول دي لا حدها..
ثم أردف موجها كلامه لود شراط في لهجة ممتزجة بالجدية والهزل
- الزول المهبوش ده كان تبعتو ..حرَم تودر يومنا ساكت..وتمرقونا بلا شغلة ..آناس ما تسوولكن عقل!!
كان ود شراط منهمكا في شق "انتاية" اضافية بطوريته لآخر أحواض فريدة في نهاية المزرعة.. الانتاية قناة صغيره تسمح بتصريف المياه خارج المساحة المزروعة تحسبا لموسم الامطار الشديدة .فغافله الدرملي الذي كان قادما من خلفه ونخسه في دبره ..وهذه سمة يفعلها دوما متي ما مر بشخص منحني لا يستثني شيخا أو طفلا أو امرأة ..جاء به ابوه الي قرية سوميت قزما قصيرا من بلدة "العكنة" عند أطراف النيل بالقرب من مدينة "المجاذيب" لا ينحني ابدا حتي في صلاته. له صوت جهوري أصيل حيث يمكن ان تسمع نكاته ومنلوجاته وضحكته المجلجلة التي ينعش بها ليل القرية ونهاراتها من مسافات بعيدة ..لم تشرق شمس يوم جديد علي مجيئه إلا وكان هو ذلك المؤذن الذي تهافتت الناس عليه من القري المجاورة ومن كل فج محتمل ..لصلاة فجر مبتسر.
.. أرخت الشمس أهدابها مثل أذني حمارة شائعة ..وسحبت انفاسها الحارقة من محفة الكون المستسلمة لنهار يوم قائظ ..وساقية كورينا بدأ نعيرها كمناحة بدائية لقبيلة الحمران المنتشرة في الجزء الأعلي لنهر عنبر .."دخان عزبات" ذلك الطائر الحذر يلتقط ما تناثر من حبات الذرة قبل ان تغمرها المياه ..كانت نظرات زينوبا تمركزت حول لونه المحايد ذلك اللون الذي يقف علي درجة حرجة بين الاصفر والبرتقالي مثل شهاب سقط علي الارض في لمحة استثنائية..او كساقين نفيسين
لعروس خارجة لتوها من حفرة دخان..لم تكن تدرك كم من الوقت قد مر قبل ان تنتبه لصوت امها وهي تحمل أبريق الشاي الضخم كانت قد اشترته مع
بعض الاواني من "حلبية" تمر علي القرية في فترات متقطعة مع لقيمات كانت قد أعدتها من دقيق القمح خصيصا لثلة النفير.
- امسكي البراد مني ..واندهيهم..قبال الشاي ما يبرد.
***
الفصل الثاني
"الحدوة"
(~)
هي المرة الاولي التي نزور فيها قرية سوميت..عثمان "ساطور" انتصار عبد السميع..البينو سيرليو وشقيقته ..أدَاو ..حسين ادروب..بدعوة من شريفة حسن صالح القدِين..لحضور مناسبة زواج بنت خالتها كنا الدفعة الثانية باستثناء كل من أداو وعثمان ساطورفهما من الدفعة الاولي من عمر كلية أويتلا للدراسات البيئية والانمائية التي انشاتها منظمة هولندية تعمل في مجال التنمية والتاهيل ..بالاضافة لمحطة للطاقة الشمسية ومعهدا فنيا لتأهيل الخبرات التي تحتاجها المنطقة.
كنا نقطع المسافة التي تبلغ خمسة اميال تقريبا الي سوميت سيرا علي الاقدام ..الثنائيات المتبادلة تشكل ملمحا منسجما لسرب سداسي حميم .. بمسافات متقاربة، ساطور ونصرة.. في المقدمة ..يليهما ادروب والبينو ..ثم في مؤخرة الركب انا وأدَاو التي كانت تحكي عن القبائل النيلية وعن تواطؤ قبيلة الدينكا مع تجار الرقيق الاغاريق والشماليين في عهد التركية السابقة ..عن النزاعات التأريخية بينها وبين قبيلة النوير ..وعن قبائل الباريا التي تشردت من مناطقها حتي لاذت بجبل الرجاف..عن المنداري ..والتبوسا ..حدثتني ايضا عن قبيلة الزاندي التي تنتمي هي اليها ..وعن الرقصات الشعبية وعن حجر الكواتو ..وطيور الغرنوق ..المعتقدات والاسبار ..السلاطين ..أرواح الاسلاف ..أنواع الحراب واستخداماتها ..الحرب ومسبباتها التأريخية ..حدثتني عن أشياء بعيدة في الذاكرة ...وعن ..وعن ولكن ..! كنا قد وصلنا جسر عنبر الرملي ..فبدت الكلية من خلفنا مثل حدوة اسطورية لفرسة جامحة علي ظهرها تحمل اسفار الخلاص.
انشئت الكلية علي الهضبة التي تلامس جبل أويتلا وتمتد حتي بداية تل البتولا..معظم مبانيها من البرفانات المستوردة التي تم تجميعها لتاخذ تلك الوضعية الساحرة..سور الاسلاك الشائكة تتخلله نباتات الفايكس المقصوصة..البوابة الحجرية الضخمة بتشكيلتها الاسطوانية مثل جمجمة عظيمة متحف الطبيعة من الناحية الشرقية خلفه كافتيريا النشاط والمسرح الصغير ثم مركز البحوث والدراسات الاستراتيجية .المكتبة ومن الناحية الغربية ملعبا لكرة السلة وآخر لكرة القدم ثم قاعات الدراسة والمعمل ومن الناحية الجنوبي .المباني السكنية المتباعدة للاساتذة تاخذ قوسا واخيرا الاستراحة ..[/size]
أو نجامة..فهو أول من ابتدع محراثا تجره الابقار ...وأول من صنع ساقية في هذه المنطقة... كما روي عنه "صالح القدين" فقد حباه الله طاقة للابداع..قضي بقية عمره متحدا معها و
متنقلا بين القرية وبين غابات الجميز الكثيفة خلف جبل اويتلا ..يصنع حلقات السواقي وينجر العطفات حتي اصبحت مهنتة
التي تلبي حوجات القري المجاورة..وتمسكه عن القرية اياما تمتد الي شهور في بعض الاحيان.
بيديها تمسك "اربلا"تطرح به الارض وتحيي "تقانت " الاحواض في مسافات محكمة بمقاييس نظرية تضبطها بايقاع متموسق في داخلها اعتادت عليه بمرور السنوات.. ففي كل صيف من كل عام يستعد الناس لموسم "المريق" فينطلق النفير من "بوقة" الي اخري في تحد لفصل الخريف الذي لن تنفع معه آلاتهم البدائية في حفر الارض وتجهيزها في فترة الصبنات...لذا يقومون بحرث الارض وتوضيبها بالثيران ونثر الذرة الصفراء علي حفر منقوحة بالمعاول الصغيرة بمسافات لا تتجاوز القدم بين حفرة واخري لتمكنهم من نظافة الحشائش المتطفلة ولتكسب قصبات الذرة مساحة للاستقواء علي حمل القناديل الضخمة التي يمتاز بها ذلك النوع من الذرة الاستوائي.الريح الخفيفة تسف الغبار مثل الغام ارضية تتفجر كلما حركت زينوبا الاربل علي هشاشة التراب..وحبات العرق تنثال من صدغها وتنحدر من فوق ابراجها الطليقة في بطء حيث تشكل قطراته مساحة لينة عند عانتها تحت "تكة" قطنية تحزم سروالها الرجالي الذي يستر عورتها وينزلق قليلا اسفل الركبة. مثل هذه السراويل الغبشاء المصنوعة من قماش الدمور هي الزي العام للرجال بالاضافة الي عراقي قصير لا يلبسه المرء الا مرتين أو مرات ثلاث في العام عند ذهابه للمدينة أو لصلاة العيدين .اما النساء فيلبسن رحطا قطنيا مصبوغا بالوان باهتة يشددنه عند الخاصرة بربطة محكمة ووشاحا شفافا لا تضعه المرأة علي صدرها اطلاقا قبل ليلة الزواج ..فان فعلت فتاة ذلك فسيعتقد الناس بانها فقدت عذريتها..واصبحت أمراة بائتة..لا عسل لديها ..ولا شرف.. لذلك تحاول أن تخفي تلك التحولات التي ستطرأ علي نهديها بوضع ذلك الوشاح..انهم لا ينظرون في هذا الثدي غير وظيفة لرضاعة الصغار وبينة لعذريتها..فذاكرة الاثارة والابعاد الجمالية لم يكتسبها ذلك الشطر النافر ولم تتشكل لدي الذكر والانثي في ذلك الزمن الفطري بمعاني الاشتهاء الرمزي الفريد..فلا مجال لطفل كبير بحظ التمني في نوستالجيا الفروضات.
تقاطرت ثلة النفير من ازقة القرية ومنعطفاتها علي درب صغير يأخذ تعريجات بين الاعشاب المتوحشة وشجيرات العشر والكرمت المتناثرة علي الاراضي البكر, بصدورهم العارية ومعاولهم المحمولة علي الاكتاف وملامحهم السمراء..كانهم جيشا صغيرا لمحاربين أشداء من قبيلة افريقية خارجون لقتال شرس في معركة مصيرية.كيف لا فالحرب الوحيدة التي ينتصر فيها الانسان تلك التي يقودها ضد الطبيعة وقهرها فيذللها بعد اذلالها له يصادر قوانينها ويجعلها طائعه مثل كرة صغيرة يتقاذفها بين يديه.ثلاثون رجلا وامراة يناوشون الارض ويطعنونها في كل شبر منها لتحبل بالأماني وتهيئ نفسها للانجاب.. ولدفقات الحياة القادمة.. يشقون الجداول وينقحون الحياض من الحجارة الصغيرة مثل صفحة لمقال اسبوعي .
بعضهم يحفر وآخر يبذر الحب..واثنان منهم يحاوران "واسوقا " خشبيا ليضع لمساته الاخيرة علي القنوات في هندسة متقنة.
تراهم يتبارون في العمل لانجاز اكبر قدر ممكن ..كنوع من الاستعراض البرئ للسرعة والمهارة لتكون محور لنقاشات قادمات في اوقات
القيلولة عند شجرة الجميز العتيقة التي تلقي بظلالها الباردة علي براح رحب . وقد تعلو صرخة لاحدهم وهو يسب ويلعن مع تعالي ضحكات الآخرين
_ علي الطلاق الليلة ..كان قبصتك ما في شي ..يحلني منك
علا حمار الوادي يهنق ..يامطرطش.
قالها "ود شرَاط" قبل أن يندفع في محاولة فاشلة خلف "الدرملي"
استمرت الملاحقة لبعض الوقت قبل ان يصيح "ود الفقير" فيهما وهو يكتم ضحكته المدوية
- ياخوانا كسرتو الجداول دي لا حدها..
ثم أردف موجها كلامه لود شراط في لهجة ممتزجة بالجدية والهزل
- الزول المهبوش ده كان تبعتو ..حرَم تودر يومنا ساكت..وتمرقونا بلا شغلة ..آناس ما تسوولكن عقل!!
كان ود شراط منهمكا في شق "انتاية" اضافية بطوريته لآخر أحواض فريدة في نهاية المزرعة.. الانتاية قناة صغيره تسمح بتصريف المياه خارج المساحة المزروعة تحسبا لموسم الامطار الشديدة .فغافله الدرملي الذي كان قادما من خلفه ونخسه في دبره ..وهذه سمة يفعلها دوما متي ما مر بشخص منحني لا يستثني شيخا أو طفلا أو امرأة ..جاء به ابوه الي قرية سوميت قزما قصيرا من بلدة "العكنة" عند أطراف النيل بالقرب من مدينة "المجاذيب" لا ينحني ابدا حتي في صلاته. له صوت جهوري أصيل حيث يمكن ان تسمع نكاته ومنلوجاته وضحكته المجلجلة التي ينعش بها ليل القرية ونهاراتها من مسافات بعيدة ..لم تشرق شمس يوم جديد علي مجيئه إلا وكان هو ذلك المؤذن الذي تهافتت الناس عليه من القري المجاورة ومن كل فج محتمل ..لصلاة فجر مبتسر.
.. أرخت الشمس أهدابها مثل أذني حمارة شائعة ..وسحبت انفاسها الحارقة من محفة الكون المستسلمة لنهار يوم قائظ ..وساقية كورينا بدأ نعيرها كمناحة بدائية لقبيلة الحمران المنتشرة في الجزء الأعلي لنهر عنبر .."دخان عزبات" ذلك الطائر الحذر يلتقط ما تناثر من حبات الذرة قبل ان تغمرها المياه ..كانت نظرات زينوبا تمركزت حول لونه المحايد ذلك اللون الذي يقف علي درجة حرجة بين الاصفر والبرتقالي مثل شهاب سقط علي الارض في لمحة استثنائية..او كساقين نفيسين
لعروس خارجة لتوها من حفرة دخان..لم تكن تدرك كم من الوقت قد مر قبل ان تنتبه لصوت امها وهي تحمل أبريق الشاي الضخم كانت قد اشترته مع
بعض الاواني من "حلبية" تمر علي القرية في فترات متقطعة مع لقيمات كانت قد أعدتها من دقيق القمح خصيصا لثلة النفير.
- امسكي البراد مني ..واندهيهم..قبال الشاي ما يبرد.
***
الفصل الثاني
"الحدوة"
(~)
هي المرة الاولي التي نزور فيها قرية سوميت..عثمان "ساطور" انتصار عبد السميع..البينو سيرليو وشقيقته ..أدَاو ..حسين ادروب..بدعوة من شريفة حسن صالح القدِين..لحضور مناسبة زواج بنت خالتها كنا الدفعة الثانية باستثناء كل من أداو وعثمان ساطورفهما من الدفعة الاولي من عمر كلية أويتلا للدراسات البيئية والانمائية التي انشاتها منظمة هولندية تعمل في مجال التنمية والتاهيل ..بالاضافة لمحطة للطاقة الشمسية ومعهدا فنيا لتأهيل الخبرات التي تحتاجها المنطقة.
كنا نقطع المسافة التي تبلغ خمسة اميال تقريبا الي سوميت سيرا علي الاقدام ..الثنائيات المتبادلة تشكل ملمحا منسجما لسرب سداسي حميم .. بمسافات متقاربة، ساطور ونصرة.. في المقدمة ..يليهما ادروب والبينو ..ثم في مؤخرة الركب انا وأدَاو التي كانت تحكي عن القبائل النيلية وعن تواطؤ قبيلة الدينكا مع تجار الرقيق الاغاريق والشماليين في عهد التركية السابقة ..عن النزاعات التأريخية بينها وبين قبيلة النوير ..وعن قبائل الباريا التي تشردت من مناطقها حتي لاذت بجبل الرجاف..عن المنداري ..والتبوسا ..حدثتني ايضا عن قبيلة الزاندي التي تنتمي هي اليها ..وعن الرقصات الشعبية وعن حجر الكواتو ..وطيور الغرنوق ..المعتقدات والاسبار ..السلاطين ..أرواح الاسلاف ..أنواع الحراب واستخداماتها ..الحرب ومسبباتها التأريخية ..حدثتني عن أشياء بعيدة في الذاكرة ...وعن ..وعن ولكن ..! كنا قد وصلنا جسر عنبر الرملي ..فبدت الكلية من خلفنا مثل حدوة اسطورية لفرسة جامحة علي ظهرها تحمل اسفار الخلاص.
انشئت الكلية علي الهضبة التي تلامس جبل أويتلا وتمتد حتي بداية تل البتولا..معظم مبانيها من البرفانات المستوردة التي تم تجميعها لتاخذ تلك الوضعية الساحرة..سور الاسلاك الشائكة تتخلله نباتات الفايكس المقصوصة..البوابة الحجرية الضخمة بتشكيلتها الاسطوانية مثل جمجمة عظيمة متحف الطبيعة من الناحية الشرقية خلفه كافتيريا النشاط والمسرح الصغير ثم مركز البحوث والدراسات الاستراتيجية .المكتبة ومن الناحية الغربية ملعبا لكرة السلة وآخر لكرة القدم ثم قاعات الدراسة والمعمل ومن الناحية الجنوبي .المباني السكنية المتباعدة للاساتذة تاخذ قوسا واخيرا الاستراحة ..[/size]
admin- Admin
- عدد الرسائل : 519
الموقع : https://beja.yoo7.com
الدولة : النرويج
تاريخ التسجيل : 23/11/2008
"الورقة الشخصية"
"الورقة الشخصية" :: 1
مواضيع مماثلة
» أويتلا - الأديب عبد المنعم
» أويتلا - الأديب عبد المنعم
» أويتلا - الأديب عبد المنعم
» أويتلا - الأديب عبد المنعم
» أويتلا - الأديب عبد المنعم
» أويتلا - الأديب عبد المنعم
» أويتلا - الأديب عبد المنعم
» أويتلا - الأديب عبد المنعم
» أويتلا - الأديب عبد المنعم
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى