أويتلا - الأديب عبد المنعم
صفحة 1 من اصل 1
أويتلا - الأديب عبد المنعم
[size=21]هالة من الضباب تشحن الافق وتكهرب مساحات الشوف بعد انتهاء ليلة عصيبة من نزيف غيمة حاقدة ..أشجار المسكيت صابها البلل فبدت اشواكها أكثر شراسة وحماقة بعد ان جرفت المياه ثمارها المتساقطة وتعرت بوادرها المتنامية كسرطان مستشري ..أشعة الشمس في هذا الضحي الموتور فاترة تتخلل مشاش الطخا وتنزلق في كسل علي البركة الحديثة التي امتلأت حوافها وفاضت علي نهر"عنبر" من الاتجاه الغربي .. قرية "سوميت" الوادعة تجثو كحارس منهك علي الضفة الاخري . والناس فيها تراهم يتفقدون بعضهم البعض في هكذا صباح ماطر , فالمنازل لا ضمان لها تحت هذه المظلة الخريفية المتشدده , وجيوش الارضة التي تنخر نخاع الدعائم الاساسية لهذه المباني التي ظلت لعشرات السنين وهي تقاوم عرصات الريح ومتقلبات الزمن العاصف. فمعظم المنازل في هذه القرية مبنيا من الجالوص المبلوط بروث المواشي المتخمر , والبعض الآخر فريق من القطاطي المتداخلة معمولة علي اشكال دائرية متناسقة من اعواد الطلح ومطارق السدر وسيقان الاندراب, و مسقوفة بسعيفات الدوم في مهارة حاذقة ..في رأس كل قطية منها تنغرز زجاجة فارغة بعنقها في السوج. فتبدو للرائي من مسافة رحيبة كثدي عانس انزلق ازارها مع آخر عربة للقطار..المبني الوحيد الذي تظهر عليه سحنة المدنية
هو منزل الخليفة الذي تم تشيده من الطوب الاحمر والاخشاب المستوردة والقضبان الحديدية وقد جلب له بناءا حبشيا ماهرا من مدينة "اسمرينا" المجاوره يدعي"هيلو" وضع عليه لمسات اجنبية جعلته أقرب للطرازات الكلاسيكية لأرياف جنوب أروبا. بالاضافة للجامع الصغير وتعريشة الخلوة
التي يفد عليها الطلاب من مشارق الارض ومغاربها...لا أحد يمكنه ان يفعل شيئا في مثل هذا الوقت غير مراقبة النهر خشية الدميرة وغفلة التساب.
ترى البعض يقوم بفتح المجاري والقنوات لتشق مسيرتها الاخيرة الي "عنبر" ..أو تصريف حياض المسمس وسرابات الطماطم وافراغها من المياه الراكدة حتي لا يصيبها الغرق أو"الكرمته" ..الاغنام تتلاصق علي بعضها في مراحاتها وهي تجتر أعشاب الليلة الماضية..وذكريات المراعي القادمة . وحفيف الريح يحمل بين الفينة والأخري أصوات شاحنة وهي تولول في محاولة مستميتة و عزيمة لاتشوبها الهزيمة, بعد ان انغرزت عجلاتها في وحل "البادوبة", تلك الطينة اللزجة التي تأخذ رائحة الانثي الشبقة ولون القهوة البجاوية ..وقد يظل ذلك السائق علي تلك الحالة يوما آخرا او يومان قبل ان ياتيه مدد من الله .
مدد ..مدد
تلقي الحياة
قناعها
ياسيدة..
والمراة البرواز
للرجل العلامة
في النسور ..
علي الكتف...
صوت الدرويش قبل كل صباح خالص تنطلق عقيرته في براحات أضرحة النفس وخلجاتها كنت اسمعها وأنا في غفوتي ..وفي حيوات الصحو..وفي أفق محروس بالغبطات ..اي علامة توغل في الرمز واي آية خلفها قوس الزمان لخلاصي في معني ذلك النقش واشاراته .
"السوط "
"الحدوة"
"خف السيد"
" والتبروقة"
- شريفة...!! هكذا طلعت نبرات صوتي محمومة باللهاث..وكلانا يغادر الآخر في مسلك الأبد.
................................................................................
.................................................................................
................
عنبر
يا عنبر..
يا اله الامواج الصاخبة..
يا نهر الايام الموسمية ..
ويا ملهم الخصب
يا فارس الاحلام
لصبايا القرية ..كل فتاة ضاق خصرها تمرغت في رمالك الواهبه..هذه عادة قديمة تفعلها الامهات في الليالي المقمرة عندما تكتشف
بقعات الانوثة علي سراويل بناتهن.. كطقس للبلوغ تمهيدا لمرحلة قادمة ..تجتمع نساء القرية عن بكرة ابيهن عندما يكون البدر مكتملا
في سماء طلقة..هذا "الطقس"يسمي "العادة". يتم له الاعداد أياما وليالي وقد يمتد الامر شهورا بحالها من جمع ثمار العنبر في زمن الفيض, فالعنبر
يحتفظ برائحته الذكية والنافذة في فلقات داخل احقاق صغيرة يطرزها الشوك القاسي من كل صوب ..اذا علق بشاة كثر شعرها فلا محالة هالكة
اذا لم يتنبه صاحبها لقص شعرها في الحال ..حيث تظل الشاة وا قفة علي قوائمها وهي ترتجف من لسعاته الي ان تموت ..فهو اشرس من نبات الحسك البري ,لذا قلما تجد معزي هذه القري الواقعة علي ضفتي النهر كثيفة الشعر فان حدث ذلك يكون مرده التأخير المؤقت "للعاصي" ذلك الحلاق الذي ينتمي لقبيلة "العفر"التي تقطن قرية "فنقوقة" التي لاتبعد كثيرا عن قرية "سوميت" ..لذا استخراج العنبر يتطلب خبرة ودرايه حصيفة عند قطفه وعند درسه..وعند مزجه
بمياه مجلوبة من نبع اويتلا المقدس ..هذه العملية تتم بنسب محسوبة. ومن ثم يكورالخليط مثل كرات" الديلكا" فيترك علي ضوء القمر حتي تجف تلك
الكرات المعنبرة. اما اذا اختلطت تقديرات تلك النسب, فستعاني الفتاة التي تم عنبرتها من العنوسة أو الانتظار الطويل قبل ان تتزوج بتدخل الظروف لفتاها اما بالموت أو الهروب من القرية. . لقد قلنا تجتمعن النساء
في ليلة القمر التامة يرقبن حركته في الابراج من منزلة الي أخري فاللحظة الوحيدة التي لايكون فيها منافقا عندما يبتدأ الدخول الي برج "العذراء"..
في تلك اللحظة تكون الفتاة عارية الا من هالة القمر ومستلقية علي ظهرها في وضع يجعل فخذيها قبالته.والنسوة يأخذن شكلا دائريا مصطفات حولها يرقصن رقصا تعبيريا هادئا في حلقة محكمة وهن ينثرن الطمي المسحون علي جسد الفتاة الساجي ..تمهيدا للعنبرة وعندما يلامس القمر برج العذراء..يبدأن خلط كرات العنبر بزيت خصية الثور ومن ثم دلك جسد الصبية المغطي بغبار طمي النهر..الي ان تبوح بفارس احلامها الذي يصله الخبر مع أول خيط للفجر,ليقوم بزيارة لمكان الطقس ومن ثم جمع فتات دلكة العنبر ليقدمها لعروسه في ليلة زواجه منها ..يتم التعرف علي منزلة العذراء بطلوع نجمات الثريا من قمة جبل اويتلا ناحية الشرق فتكون الثريا بدورها في برج الثور..فتتحد هذه العناصر في طقس "العادة"..ويرتفع الغناء
عنبر..
يا عنبر..
يا اله الامواج الصاخبة
يانهر الايام الموسمية
وياملهم الخصب..
يا فارس
الاحلام
لصبايا
القرية
...
..
.
***
.. .................................................. ......ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ...
[/size]
هو منزل الخليفة الذي تم تشيده من الطوب الاحمر والاخشاب المستوردة والقضبان الحديدية وقد جلب له بناءا حبشيا ماهرا من مدينة "اسمرينا" المجاوره يدعي"هيلو" وضع عليه لمسات اجنبية جعلته أقرب للطرازات الكلاسيكية لأرياف جنوب أروبا. بالاضافة للجامع الصغير وتعريشة الخلوة
التي يفد عليها الطلاب من مشارق الارض ومغاربها...لا أحد يمكنه ان يفعل شيئا في مثل هذا الوقت غير مراقبة النهر خشية الدميرة وغفلة التساب.
ترى البعض يقوم بفتح المجاري والقنوات لتشق مسيرتها الاخيرة الي "عنبر" ..أو تصريف حياض المسمس وسرابات الطماطم وافراغها من المياه الراكدة حتي لا يصيبها الغرق أو"الكرمته" ..الاغنام تتلاصق علي بعضها في مراحاتها وهي تجتر أعشاب الليلة الماضية..وذكريات المراعي القادمة . وحفيف الريح يحمل بين الفينة والأخري أصوات شاحنة وهي تولول في محاولة مستميتة و عزيمة لاتشوبها الهزيمة, بعد ان انغرزت عجلاتها في وحل "البادوبة", تلك الطينة اللزجة التي تأخذ رائحة الانثي الشبقة ولون القهوة البجاوية ..وقد يظل ذلك السائق علي تلك الحالة يوما آخرا او يومان قبل ان ياتيه مدد من الله .
مدد ..مدد
تلقي الحياة
قناعها
ياسيدة..
والمراة البرواز
للرجل العلامة
في النسور ..
علي الكتف...
صوت الدرويش قبل كل صباح خالص تنطلق عقيرته في براحات أضرحة النفس وخلجاتها كنت اسمعها وأنا في غفوتي ..وفي حيوات الصحو..وفي أفق محروس بالغبطات ..اي علامة توغل في الرمز واي آية خلفها قوس الزمان لخلاصي في معني ذلك النقش واشاراته .
"السوط "
"الحدوة"
"خف السيد"
" والتبروقة"
- شريفة...!! هكذا طلعت نبرات صوتي محمومة باللهاث..وكلانا يغادر الآخر في مسلك الأبد.
................................................................................
.................................................................................
................
عنبر
يا عنبر..
يا اله الامواج الصاخبة..
يا نهر الايام الموسمية ..
ويا ملهم الخصب
يا فارس الاحلام
لصبايا القرية ..كل فتاة ضاق خصرها تمرغت في رمالك الواهبه..هذه عادة قديمة تفعلها الامهات في الليالي المقمرة عندما تكتشف
بقعات الانوثة علي سراويل بناتهن.. كطقس للبلوغ تمهيدا لمرحلة قادمة ..تجتمع نساء القرية عن بكرة ابيهن عندما يكون البدر مكتملا
في سماء طلقة..هذا "الطقس"يسمي "العادة". يتم له الاعداد أياما وليالي وقد يمتد الامر شهورا بحالها من جمع ثمار العنبر في زمن الفيض, فالعنبر
يحتفظ برائحته الذكية والنافذة في فلقات داخل احقاق صغيرة يطرزها الشوك القاسي من كل صوب ..اذا علق بشاة كثر شعرها فلا محالة هالكة
اذا لم يتنبه صاحبها لقص شعرها في الحال ..حيث تظل الشاة وا قفة علي قوائمها وهي ترتجف من لسعاته الي ان تموت ..فهو اشرس من نبات الحسك البري ,لذا قلما تجد معزي هذه القري الواقعة علي ضفتي النهر كثيفة الشعر فان حدث ذلك يكون مرده التأخير المؤقت "للعاصي" ذلك الحلاق الذي ينتمي لقبيلة "العفر"التي تقطن قرية "فنقوقة" التي لاتبعد كثيرا عن قرية "سوميت" ..لذا استخراج العنبر يتطلب خبرة ودرايه حصيفة عند قطفه وعند درسه..وعند مزجه
بمياه مجلوبة من نبع اويتلا المقدس ..هذه العملية تتم بنسب محسوبة. ومن ثم يكورالخليط مثل كرات" الديلكا" فيترك علي ضوء القمر حتي تجف تلك
الكرات المعنبرة. اما اذا اختلطت تقديرات تلك النسب, فستعاني الفتاة التي تم عنبرتها من العنوسة أو الانتظار الطويل قبل ان تتزوج بتدخل الظروف لفتاها اما بالموت أو الهروب من القرية. . لقد قلنا تجتمعن النساء
في ليلة القمر التامة يرقبن حركته في الابراج من منزلة الي أخري فاللحظة الوحيدة التي لايكون فيها منافقا عندما يبتدأ الدخول الي برج "العذراء"..
في تلك اللحظة تكون الفتاة عارية الا من هالة القمر ومستلقية علي ظهرها في وضع يجعل فخذيها قبالته.والنسوة يأخذن شكلا دائريا مصطفات حولها يرقصن رقصا تعبيريا هادئا في حلقة محكمة وهن ينثرن الطمي المسحون علي جسد الفتاة الساجي ..تمهيدا للعنبرة وعندما يلامس القمر برج العذراء..يبدأن خلط كرات العنبر بزيت خصية الثور ومن ثم دلك جسد الصبية المغطي بغبار طمي النهر..الي ان تبوح بفارس احلامها الذي يصله الخبر مع أول خيط للفجر,ليقوم بزيارة لمكان الطقس ومن ثم جمع فتات دلكة العنبر ليقدمها لعروسه في ليلة زواجه منها ..يتم التعرف علي منزلة العذراء بطلوع نجمات الثريا من قمة جبل اويتلا ناحية الشرق فتكون الثريا بدورها في برج الثور..فتتحد هذه العناصر في طقس "العادة"..ويرتفع الغناء
عنبر..
يا عنبر..
يا اله الامواج الصاخبة
يانهر الايام الموسمية
وياملهم الخصب..
يا فارس
الاحلام
لصبايا
القرية
...
..
.
***
.. .................................................. ......ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ...
[/size]
admin- Admin
- عدد الرسائل : 519
الموقع : https://beja.yoo7.com
الدولة : النرويج
تاريخ التسجيل : 23/11/2008
"الورقة الشخصية"
"الورقة الشخصية" :: 1
مواضيع مماثلة
» أويتلا - الأديب عبد المنعم
» أويتلا - الأديب عبد المنعم
» أويتلا - الأديب عبد المنعم
» أويتلا - الأديب عبد المنعم
» أويتلا - الأديب عبد المنعم
» أويتلا - الأديب عبد المنعم
» أويتلا - الأديب عبد المنعم
» أويتلا - الأديب عبد المنعم
» أويتلا - الأديب عبد المنعم
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى