ناس كسلا-7

من طرف **admin** الأربعاء فبراير 18, 2009 12:48 am

ادريس ( مجنون عشّة)

المشوار اليومي لادريس يبدأ صباحا من( الميرغنية) الى (واو نور) متسترا بالأزقة والدروب الغير مطروقة وبالعكس مساءً مع اختلاف في الحالة النفسية والذهنية للمشوارين...من لا يعرف ادريس يعتبره مجنونا كغيره من المجانين الذين يملأون المدينة ..عارفوه يأسفون لحاله الا أنهم يتحاشون مقابلته لعلمهم بأنه سيسألهم سؤاله المعتاد وهو ذاهل..(ما شفتو عشّة ؟ )..ثم يمضي دون أن ينتظر اجابة على سؤاله..

وعشّة.. زوجته (طفشت ) منه ومن المدينة بأكملها لسوء معاملته وضربه لها وهي الفتاة الجميلة الرقيقة التي كانت تحلم بزوج يسعدها وتسعده .. فساقها قدرها للاقتران بادريس خشن الملامح مفتول العضلات أبنوسي البشرة.... ادريس الـ..(تُجُم) كما كانت تصفه جدتي.... والـ (تُجُم) على رأي جدتي هو الشخص الذي لا يعرف كيف يعبر عن نفسه فتخرج الكلمات منه خشنة حادة كوقع الحجارة على الرأس .....وطبيعي أن يكون هذا حال ادريس بأميته وتفكيره المحدود الذي لا يعرف في الحياة سوى طرق الطبل بقوة وعنف في حلقات جماعة القادرية مساءً وطرق الحديد بسوق الحدادين نهاراً........حتى حينما اتيحت له الفرصة والتحق بالجيش واختلط بفئات متباينة من البشر لم يتحسن حاله .. بل زاده ذلك عنفاًعلى عنف..

عشق عشّة لدرجة الجنون وبما أنه لا يعرف كيف يعبر عن حبه بالكلام الا أن اهدائها أكياس الفاكهة كل يوم وتقديمه لخدماته من تقطيع أخشاب وردم تراب وغيرها من الأعمال ..اعتبره ادريس عنواناً لمحبته وعشقه لها .. وحين تقدم لجدتها طالبا الزواج من عشّة بعد أن أصبح جنديا يتباهى بزيّه الرسمي.... لم تجد الجدة أحسن منه فزوجته اياها..

لسبب غير مفهوم تم ابعاده من الجيش فعاد الى مهنته القديمة متذمرا متضجرا وازداد عنفا وشراسة يفرغهما على رأس عشّة حين يعود الى البيت مساءُ فيوسعها ضرباُ لأتفه الأسباب .. احتملته زمناُ وحين فاض بها الكيل ...(طفشت)..وطفش معها عقله .. وجن جنونه وطفق يدور في أزقة الحي يحسب كل ذات ثوب (عشّة) .. وتمر الأيام والشهور...... ادريس لا يهدأ ..وعشة لا أثر لها .. أدمن الخمر علّها تطفىء نار عشقه فزادته تعاسة .. وحين يشتد به الوجد ..ويفيض به الشوق... يخلع قميصه ويضرب صدره بيديه ويصيح بصوت نائحِ مذبوح (آآآآآآآآآآآآآخ ياعشة...)

نواصل