ناس كسلا-5

من طرف **admin** الأربعاء فبراير 18, 2009 12:52 am

حمزة النميري.....
ربما تعجّب المارة في نهاية الستينات وهم يعبرون شارع البلدية من امام سوق العيش القديم , وهم يشاهدون شابا طويلا.. نحيفا نوعا ما.... يمسك بفرشاة رسم كبيرة وبجانبه مجموعة من الألوان وهو منهمك في الرسم على الجدار الممتد بطول سوق العيش والمواجه لمحطة شل والذي يبلغ طوله أكثر من عشرين مترا وارتفاعه متران تقريبا ..يشكل بفرشاته عددا من ملامح كسلا .. الجبال ..القاش... السواقي والعديد من الوجوه التي ترمز لشخصيات من شتى قبائل الشرق...يملأ بها الجدار من أوله لآخره ..الناظر اليها وهو قادم من بعيد يخالها حقيقة ..بعض المارة يقف ليتفرج... وبعضهم يعلق على الرسم وصاحب الرسم.... وبعض أهلنا البسطاء وصفوه بالجنون .. والشاب يواصل عمله غير آبه لكل ذلك...وكانت بحق حين اكتمالها لوحة جدارية غاية في الروعة والجمال أضفت على الشارع رونقا وبهاء...تدل على موهبة صاحبها الفذة وتمكنه من أدوات ابداعه المتفرد...... أقول كانت لأنه و للأسف امتدت اليها يد الهدم من نفر لا يهمهم الجمال في شىء .. وكان بالامكان الاحتفاظ بالجدار كمعلم من معالم المدينة ..
مبدع هذه الجدارية هو ...حمزة عبد الله النميري..ربما لم يسمع به الكثيرون من ابناء كسلا .. الا أنه واحد من مبدعيها ... شق طريقه في الحياة بقوة ارادته وطموحه الذي لا حدود له ...قليل الكلام دائم التأمل في الأشياء من حوله بعين الفنان المتفحصة... من يراه أول مرة يظن أن به شىء من التعالي .. الا أن معاشرته تجعلك لا تود مفارقته فهو كنز من المعرفة في شتى المجالات .. عصامي .. بدأ حياته العملية بعد الدراسة المتوسطة عاملا بورشة السكة حديد.... ثم مساعدا لسائق قطار(عطشجي)...الشىء الذي اتاح له أن يطوف بارجاء البلاد في كافة الفصول والمناخات ..يختزن كل الجماليات التي يراها في طريقه ليترجمها رسوما تكاد تنبض بالحياة...
قاده طموحه الى الدراسة بالانتساب حتى تحصل على الشهادة الثانوية فالتحق بالتعليم ..وكانت وزارة التعليم في ذلك الزمان تهتم بالمبدعين من منسوبيها وتتيح لهم فرصة الاستزادة والصقل لمواهبهم بانتدابهم لتكملة دراستهم في المجال الذي يتميزون فيه وكان نصيب صاحبنا انتدابا لكلية الفنون الجميلة لمدة عامين أبى طموحه الا أن يجعلها أربعة لينال البكالريوس .. ويترك التعليم ليلتحق بالتلفزيون مصمما للديكور ...ثم هاجر بعدها الى الخليج وهي الفترة التي استطاع فيها أن يبرز أعماله ويبتدع أسلوبه الخاص في التشكيل أصاب به شهرة ومكانة .. وفي كل هذا المشوار .. ظل هو .. حمزة النميري .. الوديع الشفاف .. المحب للناس كل الناس ولكسلا بصفة خاصة..

نواصل