تاريخ جديد ..!!الأستاذ حامد ناظر
صفحة 1 من اصل 1
تاريخ جديد ..!!الأستاذ حامد ناظر
على الرغم من مشاعر الالم والفظاعة ومشاهد الدماء التي صاحبت احداث التاسع والعشرين من يناير 2005م – التي مرت ذكراها قبل أيام - وما ادت اليه بعد ذلك تطورات القضية على المسارات السياسية والامنية والقانونية من انفراج وتفاؤل لدى البعض وتعقيدات وضبابية ويأس واحباط لدى الكثيرين ، الا ان هنالك امورا غاية في الاهمية تمخضت عنها نتائج تلك الاحداث واثرت على المشهد السياسي الماثل بالبحر الاحمر بشكل خاص وشرق السودان بصورة عامة ما يعطي الانطباع بان هنالك تغييرا جوهريا ايجابيا حدث في النظرة الى الاقليم يمكن استبيانه بوضوح فيما افرزته اتفاقية اسمرا من مشاركة في السلطة على مستوياتها المختلفة واقتسام للثروة على نحو عادل ، لكن ما اود توضيحه هنا قد يختلف كثيرا مع هذا الانطباع السائد ويفسر الى حد كبير حالة الاحتقان التي يعيشها المجتمع في شرق السودان جراء حزمة من التطورات التي اعقبت اتفاق السلام لاسباب قد نتفق او نختلف في تفسير دوافعها لكننا لن نستطيع ان نختلف في اننا نتلمس نتائجها على نحو واضح ..أنا ازعم ان كل ما شهده أو يشهده شرق السودان حاليا من تطورات سلبية او ايجابية على مختلف الاصعدة نتج عن تلك الاحداث وجاء بناء على المعطيات التي فرضتها على الساحة السياسية وإن حاول البعض التقليل من تاثيرات تلك الاحداث أو شكك في قدرتها على التغيير، فالازمة وبسبب معالجاتها الخاطئة اطاحت بداية باللواء حاتم الوسيلة الوالي السابق للبحر الاحمر ومهدت الطريق للوالي الحالي السيد محمد طاهر ايلا بغض النظر عن التفاصيل ، إذ لا يعني ذلك بالضرورة ان يكون الوالي السابق أو اي مسئول سياسي في عهده كان متورطا فيها بشكل مطلق بل العكس قد يكون احد ضحاياها بشكل مباشر او غير مباشر ، لأن الوضع احيانا يتطلب ان تكون مسئولا من الناحية الاخلاقية والقانونية امام الرأي العام بحكم المنصب دون ان تملك الحق أو القدرة على رفض او مواجهة بعض الاجراءات التي تبدو ضرورية في نظر الاجهزة المختلفة على المستوى المركزي وهو تناقض يستفيد منه بالطبع من يأتي لاحقا ويكسبه مظهر المنقذ الذي جيئ به لتصحيح الاوضاع أو تجميل الصورة وليس بالضرورة ايضا ان يكون كذلك بالفعل لأنه لا يأتي اعتباطا لمجرد الحاجة الى التغيير بالتأكيد ، بل لتحقيق اهداف معينة بالاستفادة من التطورات التي املتها الوقائع ،، وما حدث بكل تأكيد احرج في وقته الحكومة المركزية فبادرت بالاعلان عن موافقتها على معظم ما جاء في مذكرة ابناء البجا بخصوص الوضع السياسي والاجتماعي والاقتصادي في شرق السودان واهمها طبعا الموافقة على الدخول في مفاوضات مباشرة مع حاملي السلاح الموجودين في العاصمة الارترية اسمرا وهو امر كانت تتردد كثيرا في قبوله او التعاطي بايجابية فيه بحجة التوتر في العلاقة بينها وبين اسمرا من ناحية وان اولئك المعارضين لا يمثلون كل شرق السودان من ناحية اخرى ، اذن فان صناع الاحداث وضحاياها في مدينة بورتسودان اعطوا الشرعية والتفويض المناسب لمجموعة اسمرا للتفاوض مع الحكومة باسم الاقليم وتأسس على ذلك ما سمى باتفاق اسمرا الذي خرج لاحقا بصورة لم ترض تلك القواعد وجاء دون طموحاتها لاسباب عديدة اهمها قلة الخبرة والكفاءة وسوء التنظيم والاختراق الذي لازم جبهة الشرق وانحياز الوسيط المفاوض الى مصالحه المباشرة وتطابق ذلك مع بعض المصالح في الطرف الحكومي ، وكل ذلك تسبب بطبيعة الحال في حصول المفاوضين على سلطات شكلية على هامش الاجهزة التنفيذية المركزية والولائية بحكم الصلاحيات والمناصب التي اتفق عليها والمسئوليات المتعلقة بتقاسم الموارد وادارتها والتي اصبحت محتكرة برمتها في ايدي ممثلي الحزب الحاكم مركزيا وولائيا وذلك بحكم ما تم الاتفاق عليه بين الطرفين دون ان يعطي ذلك قادة الجبهة او قواعدها فرصة للتبرم أواظهار عدم الرضا او التراجع لان ما يحدث لم يخرج عن بنود الاتفاق المبرم وهو امر طبيعي يتعلق باية مفاوضات او تسوية بناء على مواقف وتكتيكات الطرفين فيها ..اذن خرج الحزب الحاكم من دائرة الاتهام او التقصير والقى بالمسئولية بشكل غير مباشر على شريكه الجديد ( جبهة الشرق ) وتركها وحدها تواجه مصيرها وتجيب على استفهامات قواعدها وتتحمل نتيجة تقصيرها أو اخفاقات في المفاوضات ، ومضى هو في تنفيذ سياساته التي تفرغ لها بشكل كامل في ظل حماية قانونية واخلاقية وفرها له الاتفاق دون ان يتعرض لاي مسائلة أو مراجعة من اي جهة ، اذ لم يحدد الاتفاق سلطة رئاسية او مجلسا تنفيذيا على غرار ما حدث في نيفاشا او ابوجا يتولي بشكل مباشر الاشراف على السلطة السياسية في مستوياتها المختلفة ويراجع تطبيق الاتفاق ويقوّم بموجبه اية اخطاء أو تفسيرات غير مقصودة لبنود ونصوص الاتفاق ولم يحدد كذلك ضامنين دوليين يمكن ان يشكلوا مراقبة أو محورا ضاغطا يمنع الانحراف في مسار التطبيق ، اللهم الا الوسيط الارتري الذي يبدو أنه قد حصل على معظم مكاسبه التي وفرها له الاتفاق وترك حلفاءه السابقين يواجهون مصيرهم واكتفى بالفرجة .. ومن هنا بدأت مرحلة جديدة تضمن لحكومات الولايات بمساعدة المركز من تمرير الكثير من السياسات التي تاخر او تعطل تنفيذها بسبب المعطيات التي فرضتها على الساحة احداث بورتسودان على مدى الاعوام السابقة ، وتتركز ملامح التغيير في تلك السياسات بشكل اساسي في المجال الاقتصادي الذي من شانه ان يؤثر على المشهد السياسي والاجتماعي لانه يفرض حقائق على الارض تؤدي بالنتيجة الى تغيير وجه الحياة في الاقليم وتركيبته الاجتماعية والسكانية وهو اهم مايميز المرحلة الحالية ويلعب فيه صندوق اعادة الاعمار والتنمية الذي خصص لشرق السودان بموجب الاتفاق دورا مهما بطبيعة الحال ..في تقديري انسحب كل ذلك على الوضع السياسي الذي زاد من نفوذ الولاة وبالمقابل حد من فاعلية وتاثير قادة جبهة الشرق وممثليهم في المركز او حكومات ومجالس الولايات المختلفة بل وانسحب ايضا على اداء الاحزاب المكونة لحكومة الوحدة الوطنية في الولايات الشرقية بما فيها المؤتمر الوطني واصاب مؤسساتها بالجمود والشلل وعدم القدرة على احداث التوازن ، وهو ما سيؤدي قطعا الى تاثيرات اجتماعية كبيرة وتغييرات واسعة في شكل الانشطة الاقتصادية التي يمارسها المجتمع دون ان يلتزم الجميع باية محددات في هذا الاتجاه ، وسنحاول هنا التركيز على الوضع بشكل خاص في ولاية البحر الاحمر كنموذج واضح يمكن تشريحه لعدة اسباب اهمها ان معظم تلك الموارد الاقتصادية توجد فيها ، وان معظم التغييرات في السياسات الاقتصادية تتعلق بمؤسسات موجودة فيها ، يضاف الى ذلك الصلاحيات والنفوذ والجرأة التي يتمتع بها والي الولاية وتصوراته لمستقبل الاقليم والتي تتطابق في معظمها مع قوى سياسية واقتصادية مركزية يعمل هو بالتنسيق معها في اعتقادي لفرض حقائق على الارض وتحقيق مصالح مشتركة ، والتي يتقدمها تامين الشرايين الاقتصادية التي تجرى في جسد الولاية بعدة طرق ..اولا : تامين الخط الناقل للنفط والصادرات والواردات الاخرى عبر الطريق البري وذلك بتوجيه بعض مشروعات التنمية على طريق مسارها بين جبال البحر الاحمر وبالتحديد في محافظة سنكات ببناء القرى النموذجية والمنشآت الخدمية المختلفة وسياسات الغذاء مقابل التعليم وتغيير حياة الناس الى الافضل في تلك المنطقة للتقليل قدر الامكان من شعورهم بالغبن والاستفزاز لمجرد عبور تلك الموارد الحيوية باراضيهم دون ان ينالوا من خيرها شيئا وبالتالي تتحقق جملة من الاهداف اهمها ضمان سلامة وتدفق النفط والبضائع ، وشعور المواطنين بالرضا عن الواقع وصانعه الذي ينتمي الى نفس المنطقة ويعطيه دفعة مهمة هو في حاجة اليها آنيا ومستقبليا ، وذلك قطعا لا يتعارض مبدئيا مع حقه وحقهم المشروع في تحسين ظروفهم ومعاشهم وان كانوا يستحقون اكثر من ذلك ..ثانيا : التنسيق مع الجانب المصري مركزيا وولائيا في ملف مثلث حلايب واعتبار ما يجري فيه بأنه منطقة للتكامل بين البلدين واقتراح جملة من السياسات الاقتصادية في المنطقة خاصة بعد تحييد الملف بنجاح في مفاوضات اسمرا لتجنب اي توتر قد يحدث فيها .. بالاضافة الى انشاء بعض البنى التحتية في المنطقة كتنفيذ الطريق القاري الذي يربطنا بمصر وهو كفيل بتغيير وجه الحياة في المنطقة وتحقيق مصالح اقتصادية للطرفين .. وايضا تامين التجارة الحدودية ..ثالثا : المحافظة على تامين مناجم الذهب التي تنتج ما لايقل عن احد عشر طنا من الذهب الخالص بنسبة نقاء تتجاوز التسعين في المائة ،، وتوفر ما يقرب من مائة مليون دولار سنويا للحكومة المركزية وذلك بانشاء قرية نموذجية في المنطقة وتوظيف بعض ابنائها واتخاذ سياسات من شانها العمل على استقرار المنطقة .. يضاف الى ذلك ما تم في اتجاه الحاق بعض ابناء البجا عموما بالقوات المسلحة والشرطة والامن والخدمة العامة بشكل كبير وملاحظ بعد احداث بورتسودان واتفاق السلام وان كان الوضع في حاجة الى المزيد .. رابعا : ترحيل مدينة طوكر واشتراط توفير الخدمات الضرورية للمواطنين في المدينة الجديدة بدعوى تضاريسها المناسبة التي تحميها من الفيضان ، ما يتسبب في اهمال مشروع الدلتا وازالة المسكيت والالغام وتعويض المنطقة عن سنوات الحرب والدمار والحد من خطورة فيضان خور بركة وتنفيذ طريق طوكر قرورة .. وهي مشروعات ستكلف الولاية مبالغ طائلة يريد الوالي توجيهها الى مشروعات اقل كلفة واسرع عائدا ، وكل ذلك في ظل حديث البعض عن اكتشافات نفطية حول دلتا طوكر وترحيل سكانها كخطوة استباقية تحول دون دفع تعويضات كبيرة للاهالي مستقبلا وهو
admin- Admin
- عدد الرسائل : 519
الموقع : https://beja.yoo7.com
الدولة : النرويج
تاريخ التسجيل : 23/11/2008
"الورقة الشخصية"
"الورقة الشخصية" :: 1
مواضيع مماثلة
» تاريخ جديد ..!!الأستاذ حامد ناظر2
» آخر هُمّدين ..!!الأستاذ حامد ناظر
» الاخ حامد ناظر
» آخر هُمّدين ..!!الأستاذ حامد ناظر2
» الأستاذ ادروب
» آخر هُمّدين ..!!الأستاذ حامد ناظر
» الاخ حامد ناظر
» آخر هُمّدين ..!!الأستاذ حامد ناظر2
» الأستاذ ادروب
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى