ود الخرطوم
صفحة 1 من اصل 1
ود الخرطوم
الخرطوم المدينة الحلم التي لا نذهب اليها نحن أهل الأقاليم الا لـ( الشديد القوي)...نفخر حين يأتي الينا أهلها ( ناس فلان معاهم ضيوف من الخرطوم ) يأتي من يأتي للترحيب والفرجة معا.. نتعجب من سلوكهم المتحرر الذي لم نألفه .. والذي يثير امتعاض البعض ظاهريا وفي السرائر ما فيها..
2-
أول مرة اسافر الى الخرطوم , في بداية الخمسينات من القرن الماضي, مكافأة لي على نجاحي في الدخول الى المدرسة الوسطى, وما أدراك ما الدخول الى المدارس الوسطى في ذلك الزمان,
طلب والدي من جارنا العم (السيد عمر) رحمهما الله , وهو رجل كثير الاسفار الى الخرطوم بحكم عمله التجاري أن يصطحبني معه , وكانت فرحتي لاتضاهيها فرحة , ونظرات الحسد من أقراني تتابعني وأنا أحمل شنطة الصفيح المزركشة بالزهور وبداخلها ملابسي القليلة, ممسكا بيد العم ( السيد) حتى وصلنا الى موقف الشاحنات (في مكان محطة شل حاليا)..وكانت مطيتنا شاحنة موز مالكها وسائقها عمنا (عثمان بشير) , ركبت بالخلف أعلى شحنة الموز بصحبة مساعد اللوري , وبدأنا رحلتنا صباحا متجهين الى الخرطوم مرورا بـ(الكرب) وهي مرتفعات رملية ماقبل كبري البطانة القديم يخشاها المسافرون بالشاحنات لانحداراتها الحادة مما يتسبب احيانا فى انقلاب الشاحنات وذهاب الأرواح , تعدينا كبري البطانة الحديدي وهو المعد أصلا لمرور القطارات, ثم اتجهنا غربا , (شاقَين البطانة) و صوت ماكينة الشاحنة يأتيني ناعما احيانا عند المنبسطات , مخنوقا نائحا عند المطبات والمجاري , وما أكثرها, وصلنا عند المغيب الى( ريرة ) حيث تقف الشاحنات للراحة والمبيت, وفي الصباح تحركنا مرورا بابوذليق وام ضوا بان حتى الخرطوم بحري ثم الخرطوم ثم الى امدرمان حيث منزلتنا , العم ( السيد) وأنا .
3-
الخرطوم , الهدوء , النظافة , الجمال , سيارات بعدد اصابع اليد , الترام الكهربائي يسير على خطوط كخطوط القاطرات.. والذي تذكرت حين رأيته حكايات أهلنا عنه وما سببه للبعض من عاهات ووصاياهم لكل من يسافر الى الخرطوم أن يحذر من الترام أو ( الترماج) كما كانوا يسمونه.. بصات شركة مواصلات العاصمة , أعلى مستوي من الانضباط والنظام والنظافة والدقة في المواعيد,..البوتيكات بأبوابها الزجاجية ودواليب العرض ذات المرايا , اضواء النيون ..(النايلون) كم كنا نطلق عليها , لافتات المحال التي (تطفي وتولع) العصير بخلاطات الكهرباء, البيبسى كولا والكيتي كولا, الحدائق الخضراء المزهرة, النيل أبيضه وأزرقه وملتقاهما..قصر الحاكم العام لانجليزي ( القصر الجمهوري حاليا) , الشوارع المسفلتة اللامعة النظيفة تحفها من الجانبين الاشجار الضخمة الظليلة , كل ذلك جعلني أحس وكأني اسبح في فضاء لا متناهي من الانبهار والدهشة .مما حدا بمرافقي (ود امدرمان) أن يسألني متعجبا ( انتو في بلدكم مافي حاجات زي دي ؟؟) ..
4-
وعدت الى كسلا...
منتفشا منتفخا شامخا بأنفي كالديك الرومي أشق طريقي بأزقة الحي متباهيا على أولئك الأوباش الصغار الذين لم تكتحل أعينهم برؤية ما رأيت .. .. المندهشون يتهامسون ( والله بختو ..كان في الخرطوم..) والحاقدون يرمقونني بغيظ ويحاولون اثارتي ( وين ياود الخرطوم) وكلهم حين يأتي المساء يجتمعون حولي لأحكي لهم ..
نواصل
admin- Admin
- عدد الرسائل : 519
الموقع : https://beja.yoo7.com
الدولة : النرويج
تاريخ التسجيل : 23/11/2008
"الورقة الشخصية"
"الورقة الشخصية" :: 1
مواضيع مماثلة
» برج الفاتح الخرطوم
» جامعة الخرطوم
» الغروب في الخرطوم
» جامعة الخرطوم ... قصص... ونوادر!!
» النيل الازرق -مدينة الخرطوم
» جامعة الخرطوم
» الغروب في الخرطوم
» جامعة الخرطوم ... قصص... ونوادر!!
» النيل الازرق -مدينة الخرطوم
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى